مديرة هيومن رايتس: هدية مثقلة بالانتهاكات في الإمارات
المصدر:سارة ليا ويتسن
احتفل العمدة رام إيمانويل هذا الشهر بافتتاح ملعب "الإمارات العربية المتحدة – مانشستر سيتي" في هاس بارك، فأشاد بالمنشآت والمرافق الجديدة التي أطلقت عليها أسماء الإمارات العربية المتحدة ونادي مانشستر سيتي، نادي كرة القدم الإنجليزي الذي تملكه العائلة الإماراتية الحاكمة. أرجو ألا ينخدع أهل شيكاغو بارتباط الإمارات بمشروع صديق للأسرة والطفل، وألا يعميهم هذا الارتباط عن الحقائق على الأرض في الإمارات.
إنه البلد الذي يُرجح أن يُحبس فيه تعسفاً من يحاولون ممارسة حقهم في حرية التعبير والمعارضة السلمية، وحيث يتعرض المحامين للمضايقات والتضييق، بل والترحيل، جراء جهودهم في الدفاع عن المعارضين السلميين، وحيث العمال الوافدين – الذين يشكلون نحو 95 في المائة من قوة العمل – يواجهون استغلالاً جسيماً. تدهور الوضع على مدار هذا العام كثيراً؛ لدرجة أن البرلمان الأوروبي أصدر في 26 أكتوبر/تشرين الأول قراراً عاجلاً يطالب فيه الإمارات، الشريك الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، بوقف جميع أوجه حملة القمع والترهيب الحالية ضد المواطنين الإماراتيين.
بعد يومين من إشادة العمدة إيمانويل بإسهام الإمارات العربية المتحدة لصالح مدينة شيكاغو – أي في 13 أكتوبر/تشرين الأول – قامت قوات أمن الدولة الإماراتية بالقبض على منصور الأحمدي، نائب رئيس اتحاد الطلبة الإماراتي، ليصل عدد النشطاء السلميين القابعين وراء القضبان حتى الآن هذا العام إلى 64 شخصاً، في بلد تعداده أقل بكثير من تعداد سكان شيكاغو. والأسوأ أنه ليس معروفاً مكان ولا أحوال 62 شخصاً منهم، وهو ما يعني احتمال تعرضهم للمزيد من الانتهاكات.
كما احتجزت السلطات أحمد منصور – العضو في اللجنة الاستشارية لـ هيومن رايتس ووتش والناشط الحقوقي البارز في بلده – لمدة سبعة أشهر العام الماضي. ما زال ممنوعاً من السفر ويعاني من حملة تشويه سمعة وحياته مُهددة. وقامت السلطات الإماراتية في 18 يوليو/تموز بترحيل رجل وُلد ونشأ في الإمارات العربية المتحدة، إذ أنه وطبقاً للقواعد المعمول بها في الإمارات لم يحصل على الجنسية الإماراتية. تم ترحيله إلى تايلاند، التي لا تربطه بها أية صلات، عقاباً له على أنشطته السياسية السلمية.
ولقد زعمت الحكومة الإماراتية دون أدنى دليل بوجود مخططات أجنبية لقلب نظام الحكم كي تبرر حملتها القمعية الغاشمة، لكن الشيء الوحيد المشترك بين هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والمعلمين والمدونين والمنشغلين بأعمال خيرية والطلبة والشخصيات الدينية، هو إيمانهم بحرية التعبير والرغبة في الإصلاح.
ثم إن هناك مسألة العمال الوافدين في الإمارات. في عام 1906 أطلق آبتون سنكلير توصيفه الشهير لأوضاع عمال صناعة اللحوم في شيكاغو الذين كانوا يعانون من أوضاع مزرية: "ها هي جماعة بشرية، من الطبقة السفلى وأغلبهم أجانب، عالقون أبداً على شفير الموت جوعاً، يعتمدون في فرصهم الحياتية على أمزجة رجال لهم نفس قسوة وانعدام ضمير جلادي عبيد الأزمان الغابرة، تحت وطأة هذه الظروف يصبح انعدام الأخلاق حتمياً، ومتفشياً، تماماً كما انتشر أيام السادة والرقيق".
رغم ثراء الإمارات العربية المتحدة الوافر (فهي تتمتع باحتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي) فإن ظروف المعيشة والعمل الخاصة بالكثير من العمال الوافدين تعتبر سبة في وجه المعايير الأساسية للحياة الكريمة، وتستدعي إلى الأذهان تلك النوعية من الانتهاكات التي نحسب بشكل عام أنها تنتمي إلى عهد مُخزي ولّى ولن يعود. تستضيف الإمارات أكثر من 5 ملايين عامل وافد من جنوب آسيا. لا يحق لهم على الإطلاق أن ينظموا أنفسهم بأي شكل أو أن يتفاوضوا جماعياً ويواجهون الاعتقال والترحيل إذا أضربوا عن العمل.
يربطهم النظام القانوني إلى أصحاب عملهم، الذين يكفلون تأشيراتهم ويتحكمون في قدرتهم على تغيير الوظائف. لقد خلف نظام الاستقدام للعمل العمال مدينين لوسطاء الإلحاق بالعمل بآلاف الدولارات، وكثيراً ما ينفقون على سدادها سنتين من أجورهم رغم أن أصحاب العمل هم المنوط بهم تسديد هذه الرسوم. تشمل الانتهاكات ظروف العمل غير الآمنة وعدم دفع الأجور وعدم توفر فترات راحة أثناء يوم العمل ولا أيام عطلة أسبوعية، ومصادرة أصحاب العمل المنهجية لجوازات سفر العمال.
يسهل المناخ الاقتصادي الحالي على الحكام التظاهر بعدم رؤية اعتبارات حقوق الإنسان، فيما يبحثون عن سبل مبتكرة لرعاية المحكومين.
ليس على شيكاغو أن تكف عن البحث عن سبل مبتكرة لجلب الاستثمارات إلى المدينة، لكن عليها أن تتمتع بوعي حقيقي بطبيعة شركائها وأن تبحث عن سبل للحوار معهم حول حقوق الإنسان وسيادة القانون. لسوء الطالع، يعتبر ملعب الإمارات العربية المتحدة-مانشستر سيتي في هاس بارك، هو موقع أحدث انتصار "علاقات عامة" لحكومة تزدري حرية التعبير ولا تُبدي أية مراعاة للرجال والنساء الذين يجدون في العمل وتعتمد على ما يبذلون من جهد وعرق.
سارة ليا ويتسن هي المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.
احتفل العمدة رام إيمانويل هذا الشهر بافتتاح ملعب "الإمارات العربية المتحدة – مانشستر سيتي" في هاس بارك، فأشاد بالمنشآت والمرافق الجديدة التي أطلقت عليها أسماء الإمارات العربية المتحدة ونادي مانشستر سيتي، نادي كرة القدم الإنجليزي الذي تملكه العائلة الإماراتية الحاكمة. أرجو ألا ينخدع أهل شيكاغو بارتباط الإمارات بمشروع صديق للأسرة والطفل، وألا يعميهم هذا الارتباط عن الحقائق على الأرض في الإمارات.
إنه البلد الذي يُرجح أن يُحبس فيه تعسفاً من يحاولون ممارسة حقهم في حرية التعبير والمعارضة السلمية، وحيث يتعرض المحامين للمضايقات والتضييق، بل والترحيل، جراء جهودهم في الدفاع عن المعارضين السلميين، وحيث العمال الوافدين – الذين يشكلون نحو 95 في المائة من قوة العمل – يواجهون استغلالاً جسيماً. تدهور الوضع على مدار هذا العام كثيراً؛ لدرجة أن البرلمان الأوروبي أصدر في 26 أكتوبر/تشرين الأول قراراً عاجلاً يطالب فيه الإمارات، الشريك الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، بوقف جميع أوجه حملة القمع والترهيب الحالية ضد المواطنين الإماراتيين.
بعد يومين من إشادة العمدة إيمانويل بإسهام الإمارات العربية المتحدة لصالح مدينة شيكاغو – أي في 13 أكتوبر/تشرين الأول – قامت قوات أمن الدولة الإماراتية بالقبض على منصور الأحمدي، نائب رئيس اتحاد الطلبة الإماراتي، ليصل عدد النشطاء السلميين القابعين وراء القضبان حتى الآن هذا العام إلى 64 شخصاً، في بلد تعداده أقل بكثير من تعداد سكان شيكاغو. والأسوأ أنه ليس معروفاً مكان ولا أحوال 62 شخصاً منهم، وهو ما يعني احتمال تعرضهم للمزيد من الانتهاكات.
كما احتجزت السلطات أحمد منصور – العضو في اللجنة الاستشارية لـ هيومن رايتس ووتش والناشط الحقوقي البارز في بلده – لمدة سبعة أشهر العام الماضي. ما زال ممنوعاً من السفر ويعاني من حملة تشويه سمعة وحياته مُهددة. وقامت السلطات الإماراتية في 18 يوليو/تموز بترحيل رجل وُلد ونشأ في الإمارات العربية المتحدة، إذ أنه وطبقاً للقواعد المعمول بها في الإمارات لم يحصل على الجنسية الإماراتية. تم ترحيله إلى تايلاند، التي لا تربطه بها أية صلات، عقاباً له على أنشطته السياسية السلمية.
ولقد زعمت الحكومة الإماراتية دون أدنى دليل بوجود مخططات أجنبية لقلب نظام الحكم كي تبرر حملتها القمعية الغاشمة، لكن الشيء الوحيد المشترك بين هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والمعلمين والمدونين والمنشغلين بأعمال خيرية والطلبة والشخصيات الدينية، هو إيمانهم بحرية التعبير والرغبة في الإصلاح.
ثم إن هناك مسألة العمال الوافدين في الإمارات. في عام 1906 أطلق آبتون سنكلير توصيفه الشهير لأوضاع عمال صناعة اللحوم في شيكاغو الذين كانوا يعانون من أوضاع مزرية: "ها هي جماعة بشرية، من الطبقة السفلى وأغلبهم أجانب، عالقون أبداً على شفير الموت جوعاً، يعتمدون في فرصهم الحياتية على أمزجة رجال لهم نفس قسوة وانعدام ضمير جلادي عبيد الأزمان الغابرة، تحت وطأة هذه الظروف يصبح انعدام الأخلاق حتمياً، ومتفشياً، تماماً كما انتشر أيام السادة والرقيق".
رغم ثراء الإمارات العربية المتحدة الوافر (فهي تتمتع باحتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي) فإن ظروف المعيشة والعمل الخاصة بالكثير من العمال الوافدين تعتبر سبة في وجه المعايير الأساسية للحياة الكريمة، وتستدعي إلى الأذهان تلك النوعية من الانتهاكات التي نحسب بشكل عام أنها تنتمي إلى عهد مُخزي ولّى ولن يعود. تستضيف الإمارات أكثر من 5 ملايين عامل وافد من جنوب آسيا. لا يحق لهم على الإطلاق أن ينظموا أنفسهم بأي شكل أو أن يتفاوضوا جماعياً ويواجهون الاعتقال والترحيل إذا أضربوا عن العمل.
يربطهم النظام القانوني إلى أصحاب عملهم، الذين يكفلون تأشيراتهم ويتحكمون في قدرتهم على تغيير الوظائف. لقد خلف نظام الاستقدام للعمل العمال مدينين لوسطاء الإلحاق بالعمل بآلاف الدولارات، وكثيراً ما ينفقون على سدادها سنتين من أجورهم رغم أن أصحاب العمل هم المنوط بهم تسديد هذه الرسوم. تشمل الانتهاكات ظروف العمل غير الآمنة وعدم دفع الأجور وعدم توفر فترات راحة أثناء يوم العمل ولا أيام عطلة أسبوعية، ومصادرة أصحاب العمل المنهجية لجوازات سفر العمال.
يسهل المناخ الاقتصادي الحالي على الحكام التظاهر بعدم رؤية اعتبارات حقوق الإنسان، فيما يبحثون عن سبل مبتكرة لرعاية المحكومين.
ليس على شيكاغو أن تكف عن البحث عن سبل مبتكرة لجلب الاستثمارات إلى المدينة، لكن عليها أن تتمتع بوعي حقيقي بطبيعة شركائها وأن تبحث عن سبل للحوار معهم حول حقوق الإنسان وسيادة القانون. لسوء الطالع، يعتبر ملعب الإمارات العربية المتحدة-مانشستر سيتي في هاس بارك، هو موقع أحدث انتصار "علاقات عامة" لحكومة تزدري حرية التعبير ولا تُبدي أية مراعاة للرجال والنساء الذين يجدون في العمل وتعتمد على ما يبذلون من جهد وعرق.
سارة ليا ويتسن هي المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق