الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

ناصر العبد لي يكتب عن الإخوان المسلمون!


 ناصر العبد لي يكتب عن الإخوان المسلمون!
ايماسك/الكويتية/
البحث عن عدو، حتى لو كان وهميا، «حيلة» تلوذ بها الأنظمة السياسية على كافة تصنيفاتها، لا فرق في ذلك إذا ما كان نظاما توارثيا أو جمهوريا، فالأنظمة العسكرية- وهي بالمناسبة ليست أنظمة جمهورية خالصة- وضعت التيار الإسلامي وخاصة حركة الإخوان المسلمين في ذلك الإطار بعدما تمكنت من تصفية الأحزاب الشيوعية باعتبارها مختلفة عقائديا مع الغرب.
الهدف من خلق العدو الوهمي، ويشترط أن يكون داخليا خلال هذه المرحلة، هو تخويف المواطنين وإجبارهم على الالتفاف حول النظام القائم بصرف النظر عن سوء ذلك النظام وتجاوزاته على المال العام، وخاصة أن البحث عن عدو خارجي يواجه عراقيل دولية من جهة وربما لم يعد مقنعا بعدما تكشفت العلاقات السرية العربية مع الكيان الصهيوني رغم الادعاء بأنه عدو للأمة العربية.
هناك تجربة سعودية فاشلة يمكن أن تضم إلى بقية تجاربها الفاشلة في العراق ولبنان وسوريا عندما شرعت في تخويف المواطنين السعوديين من إيران، على اعتبار أنها عدو ينبغي التصدي له من خلال الالتفاف حول النظام القائم، لكن تلك التجربة باءت بالفشل بعدما جوبهت بتجاهل شعبي وكان البديل هو العدو الداخلي فماذا يكون.. القاعدة أم تنظيم الإخوان المسلمين أم كلاهما؟!
الإمارات العربية المتحدة تعيش بعض إماراتها هاجسا هي الأخرى، فمن محاولة «شيطنة» إيران وعجزها عن تحويلها إلى عدو وهمي يخرس كل تلك الأصوات المطالبة بالإمارة الدستورية وفصل السلطات، إلى البحث عن عدو داخلي أقل تكلفة، فكان تنظيم الإخوان المسلمين هو المشروع الجديد، إذ لا توجد أحزاب شيوعية أو قومية في الإمارات حتى يمكن شيطنتها هي الأخرى.
الإمارات اختلقت مؤامرة وهمية على نظام الحكم ينسج خيوطها تنظيم الإخوان المسلمين هناك وقد نجحت مرحليا في إقناع بعض الشباب هناك بوجود مثل تلك المؤامرة، لكن في السياسة يمكن أن تخدع بعض الناس بعض الوقت لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، والالتفاف الوقتي سيزول بمجرد أن تنكشف كل الحقائق التي لا تعدو أن تكون تخوفا من إرهاصات ما يسمى بالربيع العربي.
الكويت تعيش هي الأخرى مأزقا لكنه مأزق مصطنع وسيزول بمجرد زوال أسبابه، وهناك بعض الأطراف تحاول تحميل تنظيم الإخوان المسلمين عبء مثل تلك المؤامرة باعتباره عدوا وهميا يتطلب مواجهته بالالتفاف حول الحكومة، لكننا نعرف أكثر من غيرنا أن تنظيم الإخوان المسلمين خاصة في الكويت لا يملك مثل تلك المشاريع التي تتحدث عنها بعض الأنظمة الخليجية مما يؤكد فشل البحث عن الأعداء الوهميين داخليا.
بقاء أنظمة الخليج على ما هي عليه الآن ضرب من المحال، فالدول تتغير والآليات يصيبها التغيير كذلك، وما دمنا جزءا من هذا الكون علينا أن نكون ديناميكيين ومرنين وقادرين على استيعاب مثل تلك التغيرات ووضعها في السياق الصحيح حتى لا نسمح للفوضى أن تسود، فالكويت بحاجة إلى خطوة إلى الأمام باعتبارها الأكثر مرونة، وكذلك بقية دول الخليج بحاجة إلى انتخاب مجالس تأسيسية لوضع دساتير تنظم العلاقة فيما بين الحاكم والمحكوم.
الأنظمة الملكية هي الأنظمة الأكثر قدرة على الحفاظ على الاستقرار، وهناك من التجارب الكثير التي يمكن الاستفادة منها، لكن على تلك الأنظمة وخاصة في دول الخليج أن تعي أن من الخطورة وضع الشعوب في زاوية حادة تجعل من تلك الأنظمة الخيار الثاني بدلا من الخيار الأول، وعليها -وفقا لذلك- أن تبحث عن نقاط مشتركة يمكن البناء عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق