بقلم حسن الظفيري
في وطن توفرت فيه كافة نواحي الحياة الرغيدة .. فيه التقت الفروع بالأصول واتحدت الأجساد بالقلوب ، فأنتجت صرحا تضاربت إليه أكباد الإبل من كل حدب وصوب ، تحث خطاها ساعية للتعرف على مزاياه ولتقضي فيه أجمل اللحظات والأوقات لتعود أدراجها تسرد تلك اللحظات بكل فخر واعتزاز لكل من تلقاه .. فكيف بأبناء هذا الوطن ؟ تلفظ أفعالهم فتسبق أقوالهم حبا وفخرا واعتزازا ب
هذا الوطن.
ذلك هو موطني الإمارات .. أدام الله عزها وأمنها واستقرارها ..
ففي هذا الوطن تتشارك الأيادي الوطنية لتترك بصمتها في أرجائه ولتثبت مسؤوليتها تجاهه ولتساهم في البذل والعطاء لتنميته والرقي به ، فذلك هو مَثل المواطن الصالح المخلص لوطنه ومجتمعه ، وفي خضم هذه المسؤولية العظيمة نجد أنا هنالك من يعترض هذا التشارك ليوقف العطاء والتنمية ، فيغلّب مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن والمجتمع ، فيعتبر كل مشاركة للعطاء ومحاولة للتنمية ومطالبة بالإصلاح ، أنها تعدي وخيانة لهذا الوطن ولمن أرسى قواعده ، فهو لا يعلم أن من أراد المشاركة وسعى للإصلاح أشد حرصا ووطنية منه لهذا الوطن ولقيادته ، وأن هذه المسؤولية هي واجب على عاتق كل مواطن يحب وطنه ويتمنى له الرقي ودوام العطاء.
يعيش هذا الوطن منذ أشهر وحتى اليوم حالة غير اعتيادية وغير صحية لم يألفها أبناؤه ومواطنيه ، انتشرت فيه ظواهر سيئة وافتعلت فيه أفعال غريبة أساءت لهذا الوطن حكومة وشعبا ، لم يعهد مثلها هذا المجتمع الذي يشار إليه بالبنان والمثال في الأمن والألفة والاستقرار.
كل ذلك بعد أن بدأت حملة الاعتقالات لثلة من أبناء الوطن المخلصين ، الذين شهد ويشهد لهم المجتمع الإماراتي بصلاحهم ودورهم وعملهم الدؤوب لخدمة هذا الوطن ، ثلة جعلت على عاتقها أمانة هذا الوطن من دون تكليف بل واجبا رأته في حق هذا الوطن ، فاجتهدت في تحصيل العلم والمعرفة والمهارة ، وسعت بأن تكون فاعلة في مواطن وميادين التأثير والعمل ، فكان منهم القاضي والمحامي والمستشار والأكاديمي والمربي وعالم الشريعة والمهندس والموظف المثالي ، فنالوا أعلى الأوسمة والشهادات والتزكيات ، بل أكثر من ذلك فسجلهم لا يكفيه مقال بل يجحفه ولا يعطيه حقه.
ليس هذا فقط .. فما تبع هذه الاعتقالات من حملات التخوين والتشويه والإساءة لهؤلاء الرجال ، وكثرة الاتهامات والإشاعات التي تناقلها وللأسف بعض أبناء الوطن مِن مَن لم يعرف ولم يلتق ولم يحتك بهم ، وتصوير الحدث وكأنه صراع بين الحكومة وبين مجموعة من المجرمين أساؤوا للوطن والمجتمع ، نسوا أو تناسوا أنهم أخوة أبناء دين وعرق وأرض واحدة ، فلمصلحة من تحدث هذه الأمور ؟ ولمصلحة من يشق الصف ويصبح الهوى والشك قائدا للفرقة ؟
هنا حُقّ لنا أن نقف ونتأمل ما حدث .. فالوطن يسع الجميع.
لم هذه الاعتقالات ؟ ولم هذه الحملات المنظمة ؟ هل لأنهم طالبوا بالمشاركة والإصلاح ؟ هل لأنهم تجمعوا لخدمة الوطن ؟ هل لأنهم وقعوا على عريضة لها مطالب حضارية وسلمية فقدموها لرئيس الدولة ؟ هل لأنهم أرادوا أن يكون للأجهزة الأمنية دورها الحقيقي في خدمة الوطن وتحرير الحياة المدنية من قيودها ؟ أم لأنهم عارضوا بمطالبهم مصالح البعض ؟؟!!
والسؤال الأهم .. هل الاعتقال هو الأسلوب الأمثل في التعاطي مع مطالب وإرادة المواطن الغيور لوطنه ومجتمعه ؟ ألم يكن الحوار والتفاهم والالتقاء أحق وأجدر بالتعامل معهم ؟
ففي يوم الأحد الموافق 15 يوليو 2012 صرح النائب العام ببيان أكد من خلاله الكشف عن خلية إرهابية أسست تنظيما يهدف لارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ، وأن لهذه الخلية ارتباطات وتبعية لتنظيمات وأجندات خارجية ، وأن هنالك أياد أجنبية تحاول العبث في أمن الوطن ، وأن النيابة تجري التحقيقات مع من يشتبه عمله بهذه الخلية.
دعونا نتأمل ما حدث بعد هذا البيان ..
تم اعتقال 61 حر من أبناء وأحرار هذا الوطن وشملتهم حملات التخوين والإساءة ، في حين أن القضية كانت ولا تزال ضمن التحقيقات والإجراءات القانونية.
لنعرض بعض الحقائق ولنضع النقاط على الحروف فيما حدث ..
1. الإجراءات القانونية.
نلاحظ أن هناك مجموعة من الموقوفين تم اعتقالهم أو اختطافهم قبل بيان النائب العام ومن دون إذن رسمي من النيابة ، ولم تجرى لهم أية تحقيقات رسمية ، ثم تم إدراج أسماءهم في نفس القضية ، وأن هنالك خروقات وتجاوزات قانونية وتخبط شديد في القضية ، فحقوق الموقوفين منتهكة حيث أن أماكنهم غير معروفة وهذا يعتبر اختفاء قسري واضح ، وحالتهم الصحية غير معلومة ، واتصالهم بالمحامي أو الموكل القانوني ممنوع وبأهاليهم كذلك ، وهذا يتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعتها الدولة ، وأن أعلى سلطة في القضاء لا يستطيع أن يجيب عن أماكن الموقوفين وحالتهم والرد على أية استفسارات تخصهم.
فهل نتوقع بعد هذا كله أن القضية تجري في مسارها القانوني الصحيح ؟! ومن ما لا يدع مكانا للشك أن هنالك تحقيقات تُجرى خلف الجدران المغلقة وفي أماكن اختفائهم وأن هنالك اعترافات قد تسلب من الموقوفين في حالة من الضغط والتعذيب ، ثم إن نظرنا لإجراءات تمديد الحبس التي تمت لبعض الموقوفين نرى أنها تمت بأسلوب عشوائي ، ولم تتم بمعرفة الموكل القانوني لبعضهم ، والأمر الأكثر غرابة هو أن بعض الموقوفين لا يعرف حتى الآن ما هي التهمة الموجهة إليه.
وكل هذا وأكثر من مما يُفقد المطلع على القضية الثقة بالمحاكمة المتوقع انعقادها في القريب العاجل.
2. الموقف الرسمي.
اقتصر الموقف الرسمي في تصريح مجلس الوزراء وبعض أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد بسير الإجراءات والتحقيقات في المسار القانوني وثقتهم بالقضاء ونزاهته وانتظار ما ستكشف عنه المحكمة في قضيتهم.
أمران وُجب التعرض لهما في شأن الموقف الرسمي:
يأتي الأمر الأول في وصف الموقوفين بصيغة المتآمرين ، وهذا إجحاف في حقهم حيث أنهم لازالوا في مرحلة الاتهام ولم يدانوا حتى اللحظة بشيء.
والأمر الآخر هو أن الموقف الرسمي كان في بداية الاعتقالات وقبل انتشار قضية التعذيب التي أوردها شاهد العيان وانكشاف الكثير من الخروقات والتجاوزات القانونية التي قد تسير بالقضية نحو نفق ذو مسارين إما الإصرار على إدانتهم وتبرير كل التجاوزات التي تمت تجاههم أو إنهاء القضية ورد الاعتبار الكامل للموقوفين.
ألم يأن للموقف الرسمي أن يكون له تحرك جديد ينظر بعين الحيادية ويدفع بالقضية نحو المسار الصحيح ؟ وبعين المسؤولية تجاه ما يخدم الوطن والمواطن ونبذ كل ما يخلق الفرقة والبغضاء والسعي لإصلاح ذات البين ولم الشمل ؟ فثقة المجتمع الإماراتي كبيرة بحكمة قيادته ونظرتهم الثاقبة نحو مصلحة الوطن والمواطن.
3. التعامل مع أهالي الموقوفين والمدافعين عنهم.
تحاول أسر الموقوفين جاهدة للحصول على أي معلومة تُفيد بمكان تواجد معيلها أو ابنها فيكون الرفض هو الرد الذي يلقونه ، فلا إجابة على استفساراتهم ولا قبول لطلباتهم ، فالنائب العام يرفض استقبالهم وطلباتهم والقاضي يطردهم من مكتبه ورئيس النيابة ليست لديه أية معلومات ووزارة الداخلية لا علم لها بما يحدث وجهاز الأمن يرفض التحدث والمقابلة ، ليس هذا فقط .. بل يواجه أبناء وأسر الموقوفين سيلاً من التهديد والوعيد والإساءة والشتائم إذا تكلموا أو دافعوا عن ذويهم ، والبعض منهم يتعرض لسلسة من المتابعة والمراقبة الدورية في حركتهم واتصالاتهم ، والغريب في الأمر أنه حتى من أراد الدفاع أو إبداء الرأي تجاه الموقوفين تعترضه الاتهامات بالخيانة والعبارات السيئة سواء كان من أبناء الوطن أو من الإخوة الأشقاء في الدول المجاورة ، مما أدى إلى تراشق الشتائم والاتهامات بين أبناء الوطن والأشقاء.
السؤال المهم .. مَن وراء هذا كله ؟ ولمصلحة من يحدث ذلك ؟ وكأن لسان حال البعض يردد "إن لم تكن معي فأنت ضدي بل عدوي" .. أليس هنالك رجل رشيد ؟
4. الحسابات الوهمية
تنتشر وبشكل متزايد مجموعة من الحسابات الوهمية التي جعلت على عاتقها الإساءة والتشهير بالموقوفين ، وبكل من أراد الدفاع عن الموقوفين وذويهم ، وتروج هذه الحسابات لمجموعة من الإشاعات و المعلومات المغلوطة وتتهم الموقوفين بالإساءة إلى القيادات الإماراتية ، وتدعي هذه الحسابات دفاعها عن الوطن وقيادته ، والمؤسف في ذلك أنها تضع صورا لشيوخ الإمارات وحكامها وتتلفظ بألفاظ لا تليق بصاحب الصورة ومكانته ، بل وتستخدم أساليب بذيئة وعبارات سيئة لا تتلاءم مع طبيعة المجتمع الإماراتي وأخلاقه. والجدير بالذكر أن عددا من هذه الحسابات تشير بأسلوب مباشر وغير مباشر أنها حسابات تخص بعض القيادات والأفراد الأمنيين ، حيث أن بعض الحسابات يقوم عليها فريق عمل متكامل يخطط ويحلل ويروج لكثير من الأمور ، وتقوم بنقل معلومات لا يستطيع أي شخص أن يظهرها إلا أن يكون فردا أو قياديا في أجهزة الدولة الأمنية ، وهذا يتنافى مع مهنية رجل الأمن وإخلاصه وحفظه لأمن وطنه وأبنائه ، لأن ما يتم تناقله يؤدي بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى زعزعة العلاقة بين أبناء الوطن ، ونشر الكثير من الإشاعات ، حتى تعدت نطاق الوطن واتجهت إلى الإساءة للدول المجاورة ، وما لا يعقله عاقل كيف لهذه الحسابات أن تتعدى على حرية الآخرين وخصوصياتهم ، وتؤثر على العلاقة بين الدولة ومصالحها مع الدول الأخرى ، لم لا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه هذه الحسابات ؟ حيث أن بعضها تعدى العرف والقانون ولم يتخذ فيه أي إجراء قانوني.
حُقّ للقضاء والحكومة أن تتحرك لإيقاف مثل هذه الحسابات ، وما يبنى عليها من آثار سلبية على الوطن والمواطن.
5. التصعيد الإعلامي.
تعددت وسائل الإعلام الإماراتية وأساليبها في تشكيل الرأي العام تجاه قضية الموقوفين بشكل سلبي ، حيث انتشرت الكثير من المقالات التي سلبت حق الموقوفين وأساءت بأسلوب مباشر إلى شخصياتهم وأدوارهم وقامت بعض وسائل الإعلام بنشر بعض المعلومات الخاطئة التي يروج لها بعض ضعاف النفوس والتي تفتقر لأقل الأدلة والبراهين ، ومما أثار المجتمع الإماراتي وأساء بشكل مباشر لوسائل الإعلام ومصادرها ما تم نقله في الآونة الأخيرة من اتهامات باطلة ليست لها صحة ، ولم تكشف التحقيقات شيئا منها ، عندما نقل الإعلام من مصادر مطلعة كما ذكر أن الموقوفين أسسوا تنظيما وجناحا عسكريا من سنة 1988 ، وأنهم استقبلوا مبالغ تصل إلى 10 ملايين درهما إماراتيا منذ بداية الاعتقالات ، وأن هنالك 8 محامين تم توكيلهم بطلب من الموقوفين وأهاليهم و الكثير من الأمور التي لا يستطيع العقل المجرد أن يعقلها وأن يبني عليها حقيقة.
ما صدر عن وسائل الإعلام يعد بحد ذاته جريمة في حق الوطن والمواطن بالنشر والترويج لمثل هذه الإشاعات والاتهامات المفبركة قبل أن تكون للمحكمة أو النيابة أية تصريحات ، فلم هذا التلفيق والاستباق قبل حكم المحكمة ؟ ولمصلحة من يكون هذا ؟
6. الاتهامات المفبركة.
كل يدلوا بدلوه .. فالنائب العام أصدر مجموعة من التهم ، والإعلام يروج لتهم أخرى ، وبعض المسئولين يتناقلون عن مصادر غير معروفة تهماً أخرى ، وإن حصرنا هذه الاتهامات نجد أنها تفتقد حتى الآن لأدنى مستوى من الأدلة والبراهين التي تدين الموقوفين.
هذه الاتهامات تجعل من القضية مسارا مختلفا وكأن هذه الاتهامات تمهد لأحكام غليظة قد توجه إلى الموقوفين. السؤال هنا .. كيف سيتم إثبات أمر غير موجود أساسا ؟ وهل لإخفاء الموقوفين مصلحة في إثبات هذه التهم المروج لها ؟
هنا نطالب القيادات الإماراتية وأصحاب القرار أن تكون لهم كلمة حق في هذا الأمر ، أن يضعوا الأمور في مواضعها الصحيحة ، فقد بلغ السيل زباه.
7. المضايقات السابقة.
لو النظمة النظر للأسماء التي تم اعتقالها سنجد أمرا غريبا ، حيث أن هنالك أمورا مشتركة وحالات متشابهة بين هذه الأسماء.
وهي على سبيل الذكر لا الحصر:
- منعهم من استكمال الدراسة
- إيقافهم من وظائفهم وتحويلهم إلى التقاعد أو إلى اعمال مهنية أخرى
- منعهم من السفر
- إغلاق مؤسساتهم التجارية
- المنع من توظيف أبنائهم وذويهم
- المتابعة الدورية لتحركاتهم
- التنصت على اتصالاتهم
والكثير من المضايقات التي لم يجدوا لها مبررا واحدا أو مستندا رسميا يجيزها ، ومع هذا كله لم يبدر منهم أي تحرك سيء أو ردة فعل تمس الوطن والحكومة بسوء ، بل اعتبروها بلاءا في طريقهم وسعوا جاهدين للبذل والعمل ، فهل بعد هذا يتم اعتقالهم والإساءة إليهم وتسحب الجنسيات من بعضهم ؟
8. المنظمات الدولية.
كان ولا يزال للمنظمات الدولية دور مهم في قضايا حقوق الإنسان خاصة إذا كانت الدولة وقعت عدة معاهدات واتفاقيات مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية الأخرى ، فالأحرى للدولة أن توفي بهذه المعاهدات والاتفاقيات وتلتزم بما تم الاتفاق فيه ، لا أن تعارض هذه الاتفاقيات وتتهم محاولاتها في حل القضية وتصحيح المسار أنه تدخل مرفوض ولا علاقة لها في شؤون الدولة.
ويعاب كل من تواصل مع هذه المنظمات الدولية وسعى أن تكون لها كلمة في شأن القضية ، ويُتهم بأنه خائن وعميل للخارج ، فلم نعيب الآخرين والعيب فينا أصولا ، أغلقنا جميع الأبواب أمامهم ولم نترك بابا إلا صفدناه بالرفض والصمت ، ثم نتهمهم ونعيبهم إذا التجئوا إلى من يحمي حقوقهم ويدافع عنهم ويسعى للحل.
فهذه أخرى تعتبر إساءة لحق الوطن وتشويه صريح لسمعته ومكانته ، فلمصلحة من توضع الدولة في قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان والدول التي لم تلتزم بالاتفاقيات ؟ إلى متى سيكون هذا الصمت ؟
هذه لمحة سريعة لما حدث ، ولا يزال المجتمع الإماراتي يرقب بكثب ما ستنتهي به هذه القضية.
حقائق واقعة ، وتساؤلات تبحث عن مجيب ، ومطالب نرجو أن ترعى مسامع من به حكمة وقدرة للتدخل ووضع الأمور في الموضع الصحيح.
أملنا بالله عظيم ، ونعلم علم اليقين أن حكمة الله فيما يحدث نافذة ونسأل الله الخير ، ثم أملنا بصاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات كبير في تصحيح المسار ووضع الأمور في موضعها ولم الشمل وإيقاف كل ما من شأنه يعبث باللحمة الوطنية وبتآلف المجتمع الإماراتي.
ونحن على ثقة أن هنالك من العقلاء والمنصفين وأصحاب المبادئ السامية من يبذل جهده في إيقاف هذا العبث ووضع حد لكل من أراد أن يساوم أو يداهن في مصلحة وحق الوطن والمواطن.
نسأل الله تعالى أن تصل هذه الكلمات لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والله الموفق.
ذلك هو موطني الإمارات .. أدام الله عزها وأمنها واستقرارها ..
ففي هذا الوطن تتشارك الأيادي الوطنية لتترك بصمتها في أرجائه ولتثبت مسؤوليتها تجاهه ولتساهم في البذل والعطاء لتنميته والرقي به ، فذلك هو مَثل المواطن الصالح المخلص لوطنه ومجتمعه ، وفي خضم هذه المسؤولية العظيمة نجد أنا هنالك من يعترض هذا التشارك ليوقف العطاء والتنمية ، فيغلّب مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن والمجتمع ، فيعتبر كل مشاركة للعطاء ومحاولة للتنمية ومطالبة بالإصلاح ، أنها تعدي وخيانة لهذا الوطن ولمن أرسى قواعده ، فهو لا يعلم أن من أراد المشاركة وسعى للإصلاح أشد حرصا ووطنية منه لهذا الوطن ولقيادته ، وأن هذه المسؤولية هي واجب على عاتق كل مواطن يحب وطنه ويتمنى له الرقي ودوام العطاء.
يعيش هذا الوطن منذ أشهر وحتى اليوم حالة غير اعتيادية وغير صحية لم يألفها أبناؤه ومواطنيه ، انتشرت فيه ظواهر سيئة وافتعلت فيه أفعال غريبة أساءت لهذا الوطن حكومة وشعبا ، لم يعهد مثلها هذا المجتمع الذي يشار إليه بالبنان والمثال في الأمن والألفة والاستقرار.
كل ذلك بعد أن بدأت حملة الاعتقالات لثلة من أبناء الوطن المخلصين ، الذين شهد ويشهد لهم المجتمع الإماراتي بصلاحهم ودورهم وعملهم الدؤوب لخدمة هذا الوطن ، ثلة جعلت على عاتقها أمانة هذا الوطن من دون تكليف بل واجبا رأته في حق هذا الوطن ، فاجتهدت في تحصيل العلم والمعرفة والمهارة ، وسعت بأن تكون فاعلة في مواطن وميادين التأثير والعمل ، فكان منهم القاضي والمحامي والمستشار والأكاديمي والمربي وعالم الشريعة والمهندس والموظف المثالي ، فنالوا أعلى الأوسمة والشهادات والتزكيات ، بل أكثر من ذلك فسجلهم لا يكفيه مقال بل يجحفه ولا يعطيه حقه.
ليس هذا فقط .. فما تبع هذه الاعتقالات من حملات التخوين والتشويه والإساءة لهؤلاء الرجال ، وكثرة الاتهامات والإشاعات التي تناقلها وللأسف بعض أبناء الوطن مِن مَن لم يعرف ولم يلتق ولم يحتك بهم ، وتصوير الحدث وكأنه صراع بين الحكومة وبين مجموعة من المجرمين أساؤوا للوطن والمجتمع ، نسوا أو تناسوا أنهم أخوة أبناء دين وعرق وأرض واحدة ، فلمصلحة من تحدث هذه الأمور ؟ ولمصلحة من يشق الصف ويصبح الهوى والشك قائدا للفرقة ؟
هنا حُقّ لنا أن نقف ونتأمل ما حدث .. فالوطن يسع الجميع.
لم هذه الاعتقالات ؟ ولم هذه الحملات المنظمة ؟ هل لأنهم طالبوا بالمشاركة والإصلاح ؟ هل لأنهم تجمعوا لخدمة الوطن ؟ هل لأنهم وقعوا على عريضة لها مطالب حضارية وسلمية فقدموها لرئيس الدولة ؟ هل لأنهم أرادوا أن يكون للأجهزة الأمنية دورها الحقيقي في خدمة الوطن وتحرير الحياة المدنية من قيودها ؟ أم لأنهم عارضوا بمطالبهم مصالح البعض ؟؟!!
والسؤال الأهم .. هل الاعتقال هو الأسلوب الأمثل في التعاطي مع مطالب وإرادة المواطن الغيور لوطنه ومجتمعه ؟ ألم يكن الحوار والتفاهم والالتقاء أحق وأجدر بالتعامل معهم ؟
ففي يوم الأحد الموافق 15 يوليو 2012 صرح النائب العام ببيان أكد من خلاله الكشف عن خلية إرهابية أسست تنظيما يهدف لارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ، وأن لهذه الخلية ارتباطات وتبعية لتنظيمات وأجندات خارجية ، وأن هنالك أياد أجنبية تحاول العبث في أمن الوطن ، وأن النيابة تجري التحقيقات مع من يشتبه عمله بهذه الخلية.
دعونا نتأمل ما حدث بعد هذا البيان ..
تم اعتقال 61 حر من أبناء وأحرار هذا الوطن وشملتهم حملات التخوين والإساءة ، في حين أن القضية كانت ولا تزال ضمن التحقيقات والإجراءات القانونية.
لنعرض بعض الحقائق ولنضع النقاط على الحروف فيما حدث ..
1. الإجراءات القانونية.
نلاحظ أن هناك مجموعة من الموقوفين تم اعتقالهم أو اختطافهم قبل بيان النائب العام ومن دون إذن رسمي من النيابة ، ولم تجرى لهم أية تحقيقات رسمية ، ثم تم إدراج أسماءهم في نفس القضية ، وأن هنالك خروقات وتجاوزات قانونية وتخبط شديد في القضية ، فحقوق الموقوفين منتهكة حيث أن أماكنهم غير معروفة وهذا يعتبر اختفاء قسري واضح ، وحالتهم الصحية غير معلومة ، واتصالهم بالمحامي أو الموكل القانوني ممنوع وبأهاليهم كذلك ، وهذا يتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعتها الدولة ، وأن أعلى سلطة في القضاء لا يستطيع أن يجيب عن أماكن الموقوفين وحالتهم والرد على أية استفسارات تخصهم.
فهل نتوقع بعد هذا كله أن القضية تجري في مسارها القانوني الصحيح ؟! ومن ما لا يدع مكانا للشك أن هنالك تحقيقات تُجرى خلف الجدران المغلقة وفي أماكن اختفائهم وأن هنالك اعترافات قد تسلب من الموقوفين في حالة من الضغط والتعذيب ، ثم إن نظرنا لإجراءات تمديد الحبس التي تمت لبعض الموقوفين نرى أنها تمت بأسلوب عشوائي ، ولم تتم بمعرفة الموكل القانوني لبعضهم ، والأمر الأكثر غرابة هو أن بعض الموقوفين لا يعرف حتى الآن ما هي التهمة الموجهة إليه.
وكل هذا وأكثر من مما يُفقد المطلع على القضية الثقة بالمحاكمة المتوقع انعقادها في القريب العاجل.
2. الموقف الرسمي.
اقتصر الموقف الرسمي في تصريح مجلس الوزراء وبعض أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد بسير الإجراءات والتحقيقات في المسار القانوني وثقتهم بالقضاء ونزاهته وانتظار ما ستكشف عنه المحكمة في قضيتهم.
أمران وُجب التعرض لهما في شأن الموقف الرسمي:
يأتي الأمر الأول في وصف الموقوفين بصيغة المتآمرين ، وهذا إجحاف في حقهم حيث أنهم لازالوا في مرحلة الاتهام ولم يدانوا حتى اللحظة بشيء.
والأمر الآخر هو أن الموقف الرسمي كان في بداية الاعتقالات وقبل انتشار قضية التعذيب التي أوردها شاهد العيان وانكشاف الكثير من الخروقات والتجاوزات القانونية التي قد تسير بالقضية نحو نفق ذو مسارين إما الإصرار على إدانتهم وتبرير كل التجاوزات التي تمت تجاههم أو إنهاء القضية ورد الاعتبار الكامل للموقوفين.
ألم يأن للموقف الرسمي أن يكون له تحرك جديد ينظر بعين الحيادية ويدفع بالقضية نحو المسار الصحيح ؟ وبعين المسؤولية تجاه ما يخدم الوطن والمواطن ونبذ كل ما يخلق الفرقة والبغضاء والسعي لإصلاح ذات البين ولم الشمل ؟ فثقة المجتمع الإماراتي كبيرة بحكمة قيادته ونظرتهم الثاقبة نحو مصلحة الوطن والمواطن.
3. التعامل مع أهالي الموقوفين والمدافعين عنهم.
تحاول أسر الموقوفين جاهدة للحصول على أي معلومة تُفيد بمكان تواجد معيلها أو ابنها فيكون الرفض هو الرد الذي يلقونه ، فلا إجابة على استفساراتهم ولا قبول لطلباتهم ، فالنائب العام يرفض استقبالهم وطلباتهم والقاضي يطردهم من مكتبه ورئيس النيابة ليست لديه أية معلومات ووزارة الداخلية لا علم لها بما يحدث وجهاز الأمن يرفض التحدث والمقابلة ، ليس هذا فقط .. بل يواجه أبناء وأسر الموقوفين سيلاً من التهديد والوعيد والإساءة والشتائم إذا تكلموا أو دافعوا عن ذويهم ، والبعض منهم يتعرض لسلسة من المتابعة والمراقبة الدورية في حركتهم واتصالاتهم ، والغريب في الأمر أنه حتى من أراد الدفاع أو إبداء الرأي تجاه الموقوفين تعترضه الاتهامات بالخيانة والعبارات السيئة سواء كان من أبناء الوطن أو من الإخوة الأشقاء في الدول المجاورة ، مما أدى إلى تراشق الشتائم والاتهامات بين أبناء الوطن والأشقاء.
السؤال المهم .. مَن وراء هذا كله ؟ ولمصلحة من يحدث ذلك ؟ وكأن لسان حال البعض يردد "إن لم تكن معي فأنت ضدي بل عدوي" .. أليس هنالك رجل رشيد ؟
4. الحسابات الوهمية
تنتشر وبشكل متزايد مجموعة من الحسابات الوهمية التي جعلت على عاتقها الإساءة والتشهير بالموقوفين ، وبكل من أراد الدفاع عن الموقوفين وذويهم ، وتروج هذه الحسابات لمجموعة من الإشاعات و المعلومات المغلوطة وتتهم الموقوفين بالإساءة إلى القيادات الإماراتية ، وتدعي هذه الحسابات دفاعها عن الوطن وقيادته ، والمؤسف في ذلك أنها تضع صورا لشيوخ الإمارات وحكامها وتتلفظ بألفاظ لا تليق بصاحب الصورة ومكانته ، بل وتستخدم أساليب بذيئة وعبارات سيئة لا تتلاءم مع طبيعة المجتمع الإماراتي وأخلاقه. والجدير بالذكر أن عددا من هذه الحسابات تشير بأسلوب مباشر وغير مباشر أنها حسابات تخص بعض القيادات والأفراد الأمنيين ، حيث أن بعض الحسابات يقوم عليها فريق عمل متكامل يخطط ويحلل ويروج لكثير من الأمور ، وتقوم بنقل معلومات لا يستطيع أي شخص أن يظهرها إلا أن يكون فردا أو قياديا في أجهزة الدولة الأمنية ، وهذا يتنافى مع مهنية رجل الأمن وإخلاصه وحفظه لأمن وطنه وأبنائه ، لأن ما يتم تناقله يؤدي بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى زعزعة العلاقة بين أبناء الوطن ، ونشر الكثير من الإشاعات ، حتى تعدت نطاق الوطن واتجهت إلى الإساءة للدول المجاورة ، وما لا يعقله عاقل كيف لهذه الحسابات أن تتعدى على حرية الآخرين وخصوصياتهم ، وتؤثر على العلاقة بين الدولة ومصالحها مع الدول الأخرى ، لم لا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه هذه الحسابات ؟ حيث أن بعضها تعدى العرف والقانون ولم يتخذ فيه أي إجراء قانوني.
حُقّ للقضاء والحكومة أن تتحرك لإيقاف مثل هذه الحسابات ، وما يبنى عليها من آثار سلبية على الوطن والمواطن.
5. التصعيد الإعلامي.
تعددت وسائل الإعلام الإماراتية وأساليبها في تشكيل الرأي العام تجاه قضية الموقوفين بشكل سلبي ، حيث انتشرت الكثير من المقالات التي سلبت حق الموقوفين وأساءت بأسلوب مباشر إلى شخصياتهم وأدوارهم وقامت بعض وسائل الإعلام بنشر بعض المعلومات الخاطئة التي يروج لها بعض ضعاف النفوس والتي تفتقر لأقل الأدلة والبراهين ، ومما أثار المجتمع الإماراتي وأساء بشكل مباشر لوسائل الإعلام ومصادرها ما تم نقله في الآونة الأخيرة من اتهامات باطلة ليست لها صحة ، ولم تكشف التحقيقات شيئا منها ، عندما نقل الإعلام من مصادر مطلعة كما ذكر أن الموقوفين أسسوا تنظيما وجناحا عسكريا من سنة 1988 ، وأنهم استقبلوا مبالغ تصل إلى 10 ملايين درهما إماراتيا منذ بداية الاعتقالات ، وأن هنالك 8 محامين تم توكيلهم بطلب من الموقوفين وأهاليهم و الكثير من الأمور التي لا يستطيع العقل المجرد أن يعقلها وأن يبني عليها حقيقة.
ما صدر عن وسائل الإعلام يعد بحد ذاته جريمة في حق الوطن والمواطن بالنشر والترويج لمثل هذه الإشاعات والاتهامات المفبركة قبل أن تكون للمحكمة أو النيابة أية تصريحات ، فلم هذا التلفيق والاستباق قبل حكم المحكمة ؟ ولمصلحة من يكون هذا ؟
6. الاتهامات المفبركة.
كل يدلوا بدلوه .. فالنائب العام أصدر مجموعة من التهم ، والإعلام يروج لتهم أخرى ، وبعض المسئولين يتناقلون عن مصادر غير معروفة تهماً أخرى ، وإن حصرنا هذه الاتهامات نجد أنها تفتقد حتى الآن لأدنى مستوى من الأدلة والبراهين التي تدين الموقوفين.
هذه الاتهامات تجعل من القضية مسارا مختلفا وكأن هذه الاتهامات تمهد لأحكام غليظة قد توجه إلى الموقوفين. السؤال هنا .. كيف سيتم إثبات أمر غير موجود أساسا ؟ وهل لإخفاء الموقوفين مصلحة في إثبات هذه التهم المروج لها ؟
هنا نطالب القيادات الإماراتية وأصحاب القرار أن تكون لهم كلمة حق في هذا الأمر ، أن يضعوا الأمور في مواضعها الصحيحة ، فقد بلغ السيل زباه.
7. المضايقات السابقة.
لو النظمة النظر للأسماء التي تم اعتقالها سنجد أمرا غريبا ، حيث أن هنالك أمورا مشتركة وحالات متشابهة بين هذه الأسماء.
وهي على سبيل الذكر لا الحصر:
- منعهم من استكمال الدراسة
- إيقافهم من وظائفهم وتحويلهم إلى التقاعد أو إلى اعمال مهنية أخرى
- منعهم من السفر
- إغلاق مؤسساتهم التجارية
- المنع من توظيف أبنائهم وذويهم
- المتابعة الدورية لتحركاتهم
- التنصت على اتصالاتهم
والكثير من المضايقات التي لم يجدوا لها مبررا واحدا أو مستندا رسميا يجيزها ، ومع هذا كله لم يبدر منهم أي تحرك سيء أو ردة فعل تمس الوطن والحكومة بسوء ، بل اعتبروها بلاءا في طريقهم وسعوا جاهدين للبذل والعمل ، فهل بعد هذا يتم اعتقالهم والإساءة إليهم وتسحب الجنسيات من بعضهم ؟
8. المنظمات الدولية.
كان ولا يزال للمنظمات الدولية دور مهم في قضايا حقوق الإنسان خاصة إذا كانت الدولة وقعت عدة معاهدات واتفاقيات مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية الأخرى ، فالأحرى للدولة أن توفي بهذه المعاهدات والاتفاقيات وتلتزم بما تم الاتفاق فيه ، لا أن تعارض هذه الاتفاقيات وتتهم محاولاتها في حل القضية وتصحيح المسار أنه تدخل مرفوض ولا علاقة لها في شؤون الدولة.
ويعاب كل من تواصل مع هذه المنظمات الدولية وسعى أن تكون لها كلمة في شأن القضية ، ويُتهم بأنه خائن وعميل للخارج ، فلم نعيب الآخرين والعيب فينا أصولا ، أغلقنا جميع الأبواب أمامهم ولم نترك بابا إلا صفدناه بالرفض والصمت ، ثم نتهمهم ونعيبهم إذا التجئوا إلى من يحمي حقوقهم ويدافع عنهم ويسعى للحل.
فهذه أخرى تعتبر إساءة لحق الوطن وتشويه صريح لسمعته ومكانته ، فلمصلحة من توضع الدولة في قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان والدول التي لم تلتزم بالاتفاقيات ؟ إلى متى سيكون هذا الصمت ؟
هذه لمحة سريعة لما حدث ، ولا يزال المجتمع الإماراتي يرقب بكثب ما ستنتهي به هذه القضية.
حقائق واقعة ، وتساؤلات تبحث عن مجيب ، ومطالب نرجو أن ترعى مسامع من به حكمة وقدرة للتدخل ووضع الأمور في الموضع الصحيح.
أملنا بالله عظيم ، ونعلم علم اليقين أن حكمة الله فيما يحدث نافذة ونسأل الله الخير ، ثم أملنا بصاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات كبير في تصحيح المسار ووضع الأمور في موضعها ولم الشمل وإيقاف كل ما من شأنه يعبث باللحمة الوطنية وبتآلف المجتمع الإماراتي.
ونحن على ثقة أن هنالك من العقلاء والمنصفين وأصحاب المبادئ السامية من يبذل جهده في إيقاف هذا العبث ووضع حد لكل من أراد أن يساوم أو يداهن في مصلحة وحق الوطن والمواطن.
نسأل الله تعالى أن تصل هذه الكلمات لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والله الموفق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق