الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

اخلاق الخليج كله تحت الاختبار .. بقلم زوجة المعتقل أحمد السويدي



بقلم مريم عبدالله النعيمي



لقد مر علينا رمضان هذا العام بعاصفة مدوية ومحنة لم يسلم من أذاها كل بيت شريف ونفس مؤمنة تقية .
ومنذ اليوم الأول من شهر رمضان والاعتقالات الظالمة تنفذ على صفوة المجتمع الإماراتي وخير من فيه .
ولو قبل شهور عديدة تخيلت في أسوأ وأبشع تخيلاتي أن شخصا كأحمد صقر السويدي سوف يعتقل لقلت إنه كابوس لن يأتي وشؤم لن يكون .
أحمد صقر السويدي لا يستحق الاعتقال ليس لأنه زوجي ووالد أبنائي فحسب بل لأنه أخ وصديق ومربي للآلاف المؤلفة ولا أقول المئات من المواطنين وأبناء العرب الوافدين
أحمد صقر انموذج يسبق الوصف ونبل تجسد في إنسان
هو أمة وحده ورجل يعجب من عرفه واقترب منه كيف يستطيع رجل واحد أن يدخل السرور على مئات وآلاف الناس ممن اتصل به وتواصل معه .
والله انا اكتب هذه السطور والدموع لا تتوقف من عيوني أسى وألما لما آل اليه أمر بلادي التي تكافئ الأخيار بالاعتقال وتجزيهم عن حسن فعالهم سوء الجزاء وأقبحه . لقد رأينا في إعلامنا المكتوب من سوء الخلق وقلة المروءة ما جعل من أحدنا يذرف الدمع أن يكون هؤلاء التجار بقيم المجتمع وأعرافه كتابا وإعلاميين ورموزا في الوطن .
ومنذ أكثر من شهر تواصل الحمم الإعلامية المكتوبة والأقلام المسمومة الباحثة عن الارتزاق على مصائب الناس وآلامهم قصفها المحموم على هذه الفئة الصالحة الشريفة من أهل التربية والتهذيب في الامارات .

ويح قلبي لو قال لي أحد قبل شهر واحد فقط انني سأفيق على طابور من المتربحين والمتمصلحين والنفعييين من كتاب الأعمدة الذين ظننا فيهم الخير يوما واعتقدنا أنهم يتحدثون عن مشاكل الوطن فاذا بهم يتاجرون بجزء من أبناء الوطن لما كنت سأصدق أو اتصور حدوث ذلك .

كنا نقرأ لكتاب الأعمدة في صحفنا المحلية وظننا أنهم حملوا أقلامهم ليدافعوا عن المظلومين فإذا بهم يتحاملون على المظلوم ويكيلون له ابشع التهم !!

والله الذي رفع السماء بغير عمد وبسطها كيفما شاء لم أكن أتوقع انه من أجل المال يتاجر المواطن بأخيه المواطن وينتصر عليه بدل ان ينتصر له .

تخيل قارئي الكريم هذه الفظاعة وهذه القسوة والاستبداد اكثر من 50 رجلاً حراً أبياً شريفا يعجز البيان عن وصف شرفهم ومروءتهم وعزتهم وكرامتهم مغيبون في السجون ظلما وبهتانا بينما يأتي الكتاب المنعمون المدللون المرفهون لينالوا حفنة من مال وشيئا من حطام الدنيا فيرشقوا بأقلامهم اخوة لهم في الوطن .
ويحهم كيف سولت لهم نفوسهم ان يكتبوا حرفا واحدا يظلمون فيه الابرياء في شهر الفضيلة والرحمة وهم يزعمون انهم يصومون ويصلون ويقرؤون آيات الكتاب الكريم .

اننا نمر بمحنة عاصفة لا كاشف لها الا الله ولا منقذ منها الا سواه والامارات كلها بل الخليج كله يختبر اليوم اخلاقا ومروءة وصلة رحم.
ان اخلاق اهل الامارات اليوم وليس اكثر من اي وقت مضى هي تحت امتحان مؤكد وتحت اختبار حقيقي واضح وصريح ويا من كتب في التربية وتكلم عن اللحمة الوطنية والاخاء هذه صفوة من خير ما في الامارات رجولة وعطاء وسخاء يوجه لها تهم هي بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم فهل سيكون الصمت والقبول بهذا الظلم الصارخ ام ستتسبب هذه الازمة الطاحنة في وضع النقاط فوق الحروف ورد الحق الى اهله وانصاف هذه الفئة الصادقة النقية الطيبة المعدن والمنبت والمشرب والمآل ؟

انني كنت افتخر بالإمارات فخراً أراه يفوق الخيال اما وان هذه الصفوة المؤمنة تعيش هذا الالم وتقاسي هذا الظلم فانا اقول هذه فرصة ذهبية ليزداد الفخر بفئة صبرت قبل اكثر من خمسة عشر عاما على الاحالة للتقاعد دون ذنب وصمدت تواصل العمل ليل نهار في تكوين جيل مؤمن يرفع اسم وطنه عاليا بين الامم.

نعم بكل واحد من هؤلاء الاربعة والاربعون اتيه فخرا واعتزازا واكبارا وهم خير ما في هذا المجتمع وافضل ما فيه .
ألا إن المال زائل والدنيا راحلة ولن يبقى إلا الخلق الحسن وجميل الفعال بين الناس وقد فعل هؤلاء  الجميل حتى شهد لهم القاصي والداني وأعطوا من قلوبهم ومشاعرهم ومن أوقاتهم ولم ينتظروا دينارا ولا درهما ولا قصرا منيفا .

وجدوا في حبهم لوطنهم زادا واي زاد، ووجدوا في وقوفهم لتعزيز قيم الاخلاق في نفوس الجيل خير مورد لحياة كريمة عزيزة راضية شريفة .
لم يقتربوا يوما من حاكم ليسألوه بعض المال فالعلاقة بينهم وبين حكامهم كانت مبنية على التقدير والاحترام وليست على انتظار منفعة عاجلة وحظ من حظوظ النفس القريبة .

وبينما يحرص غيرهم على الوصول للحكام والتقرب منهم كانوا هم يمشون مع ايقاع الحياة وبوتيرة هادئة ويندمجون مع المجتمع اندماجا طبيعيا تلقائيا لا يزيد من تقدير الناس لهم قربهم من حاكم ولا ينقص من قدرهم انشغالهم بالتربية والتعليم عن مواصلة طرق ابواب القصور.
أحبوا زايد بن سلطان آل نهيان المؤسس لهذا الكيان وافتخروا بمواقف الوطن الخارجية في مساندة حقوق الشعوب ووجدوا في سياسة الامارات القائمة على مد يد العون للمحتاج شاهدا على نبل واصالة حكام هذا الوطن
لم يرد عنهم ولم يصدر منهم قول او فعل يحرض على العنف او ينادي بتغيير القيادة السياسية بل كانوا وعبر السنوات الطوال يؤكدون كامل احترامهم واعتزازهم بكيان الوطن وبدور السلطة السياسية في تقديم الامارات كنموذج للتعايش والانفتاح على قيم العدل واحترام كرامة الانسان .

اليوم يختبر مجتمع الامارات في اخلاقه ، اليوم كل الامارات ، كل بيت، كل حي ، كل شارع . كل من شارك هؤلاء الوقوف لله صفا في المساجد، كل من صافح اياديهم الكريمة وشاركهم جلساتهم الضاحكة الباسمة . كل من قرأ لهم وسمع عنهم الجميع مدعوون ليقفوا صفا واحدا لإنصاف هذه الفئة الصادقة المخلصة من ابناء الوطن .

الخليج كله مختبر اليوم واخلاقه كلها في امتحان حقيقي تظهر فيه قيم النجدة والمروءة والشهامة بين الناس
إن الكويت وقطر والسعودية والبحرين والامارات هم جزء واحد ونسيج واحد وقيم أخلاقية ترسخت في جذر قلوب ابنائها منذ الاف السنين واليوم كل تلك القيم الفاضلة هي تحت الاختبار الحقيقي في هذا الظرف الصعب الذي وضعنا به دون ذنب او خطأ تم ارتكابه من قبل هذه الفئة من المعتقلين الاشراف.

ان كتابة آلاف المقالات عن قيم المروءة والنجدة والشهامة والتعاون وقيم الاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم هو عمل سهل في اوقات الراحة لكن الوقت الذي نمر به الان ليس وقتا سهلا والظرف الذي نحياه هو ظرف استثنائي تمتحن فيه صلابة القيم وتختبر فيه الكلمات التي كتبت في زمن الراحة والدعة والهدوء .

وما يحتاجه الشباب الجديد أبناء هذا الجيل هو وقفة اخلاقية صلبة تؤكد لجيل شباب اليوم ان جيل ابائهم لن يقبل بالظلم ولن يسكت عليه .
لقد عشنا في الخليج الاف السنين نؤمن بقيم التكافل والصلة والرحمة بين ابناء الوطن الواحد ولم يدرس اباؤنا في جامعات ولم يتخرجوا من مدراس تعطي شهادات عليا لكنهم قرءوا كتاب الله ووجدوا فيهم صلاحهم في الدنيا والاخرة
ان صورة التدين الرفيع والوسطي والجميل الذي عليه اهل الامارات في غالبهم اليوم ليعود بعد فضل الله الى هذه الصفوة التقية المؤمنة من ابناء هذا البلد الحر الابي
واليوم يا شعب الامارات ووطنكم يمر بهذه المحنة آن لكم ان تردوا بعض الجميل لهذه الكوكبة من ابناء الوطن
ان امثال احمد صقر السويدي وخالد الشيبة وفؤاد الحمادي وحسين النجار ومجموعة اخرى من التربويين الذين بذلوا حياتهم لمساعدة اوطانهم في تربية جيل مؤمن موحد صحيح العقيدة متين الخلق ليناشدون ابناء الوطن واهل الخليج ان لا ينسوهم في غياهب السجون ولا يفرطوا بحريتهم بسبب تهمة بشعة لفقت لهم وليس لها دلائل واضحة ولا حجج صريحة وما عرفناه هو البينة على من ادعى واليمين على من انكر
اسأل الله ونحن نمضي الساعات الأخيرة والليلة الأخيرة لهذا الشهر العظيم الذي يفوق في حرمته ومكانته سائر شهور العام ان لا يرحل رمضان الا وقد اعيد الحق الى اهله وعاد هؤلاء الكرام الى ذويهم وهم مرفوعو الرؤوس موفور الكرامة مطمئنون الى عدالة الضمير الاماراتي الذين لن يقبل بالتفرج على الظلم واستمراره .

ختاما اقدم شكري وتقديري لكل من اظهر احتراما وتقديرا لكرامة ابن الامارات التي يجب ان تبقى خطا احمر لا يمكن تجاوزه او القفز فوقه او انتهاكه باي شكل او صورة او وسيلة
اللهم اعزنا بالإسلام واعز الاسلام بنا واحفظنا بالإسلام واحفظ الاسلام لنا، وارفع من قيم الاسلام في قلوبنا حتى تتنزل منها منزلة الصدارة وتتمكن منها فلا نقول الا حقا ولا نكتب إلا صدقا ولا ننتظر الا رضاك ولا نخشى الا سواك فانت قيوم السموات والارض وانت على كل شيئ قدير
حرَّمت الظلم على نفسك وجعلته بيننا محرما فاللهم انزل السكينة على قلوبنا واحفظنا من ان نسيئ الى بعضنا او نرضى باي نوع من العدوان على بعضنا
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

مريم عبدالله النعيمي:  زوجة احمد صقر السويدي الذي هو الان مع مجموعة تزيد عن الاربعين تربويا في معتقلات الامارات
M_alnaymi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق