كتب بواسطة:إماراتي
تغيبت فترة العيد عن تويتر وعدت بالأمس لأجد حساب علي سالم وخدمة إماراتي وافتخر فرحين مغترين بجمعهم أربعة آلاف صوت في موقع avaaz.org تحت اسم حملة أبناء الإمارات ! وفرحين بصورة نشروها تبين أن حملة المطالبة بوقف انتهاك حقوق الإنسان لم تحظى إلا بحوالي 700 صوت في مقابل 4000 صوت للحملة التي أطلق عليها حملة أبناء الإمارات .. على العكس من الفرحة التي يبديها علي سالم وخدمته إماراتي وافتخر ومن سار على دربهم فإني أرى النتيجة كارثية لهم كما سأوضح .
في بداية التوضيح لابد من تبيين عدة أمور :
الأول : رغم تأخري في متابعة حملة علي سالم وبعد إيقافها من الموقف إلا أن من الواضح أنها حملة في خط شق أبناء الوطن الواحد إذ صور علي سالم أنها حملة أبناء الإمارات ( بمعنى أن الذي لا يؤيدها مشكوك في انتماءه ) وهو ذات الاسلوب الذي يتبعه جهاز الأمن في تخويف أبناء الوطن من اتخاذ مواقف مستقلة تجاه قضايا كثيرة مثل قضية معتقلي الإمارات فيصور بأن من يأخذ موقفا مغايرا لموقف جهاز الأمن خائن ولا يعد من أبناء الوطن
الثاني : الحملة التي أطلقها مركز الإمارات لحقوق الإنسان ( مع تحفظي البالغ والعميق على هوية مطلق الحملة) هي حملة للمطالبة بوقف انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات ، ومع ذلك صورها علي سالم وخدمة إماراتي وافتخر أنها حملة جمعية الإصلاح والإخوان المسلمين ، مع أن ليس كل مطالب بالإصلاح في الإمارات منتم لجمعية الإصلاح ، بل إن الحملة نفسها لم تتطرق لجمعية الإصلاح.
من الاعتبار الأول والثاني تتبين محاولة جهاز الأمن شق أبناء الوطن الواحد إلى خندقين ، خندق الوطنية وهو الخندق الذي يعني موافقة جهاز الأمن في كل انتهاكاته. والخندق الثاني هو خندق الخيانة واللاوطنية ويعني اتخاذ آراء مستقلة في قضايا الوطن وهمومه. يذكرني تصرف جهاز الأمن بحقبة بوش الابن والذي قال أنه من لم يكن معنا فهو إرهابي ضدنا.
هذا - مع بالغ الأسف - يبين بشكل واضح سعي جهاز الأمن إلى خنق أي صوت مغاير ( ولو لم يكن معارضا) على طريقة "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" وطريقة "ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ" ..
قبل البداية في تناول الموضوع لابد أن أوضح رأيي بالحملة وأني لا أؤيدها بالمطلق فقد أزعجني تصدر اسم أجنبي لهذه الحملة في حين أن أبناء الوطن هم أولى من يجب أن يتصدر اسمهم هنا.
الحملة الأولى هي حملة المطالبة بوقف انتهاكات حقوق الإنسان وليست انتخابات المجلس الوطني ليفرح بها علي سالم كل هذا الفرح ويتكلم عن شعبية تيار في مقابل تيار كما حاول أن يصورها علي سالم وإماراتي وافتخر ، لأن علي سالم وغيره يعرفون أنه لو صوت عشرة أضعاف ضده أو معه فلن يغير هذا من حقيقة أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان يقوم بها جهاز الأمن ، ولن يغير من الحقيقة التي يعرفها علي سالم جيدا أن كثيرا من أبناء الوطن يعلمون هذه الانتهاكات ، تعرف هذا من مجالسهم وفي لحن قولهم ويمنع كثيرا منهم الخوف والتخويف أو وجهات نظر ملتوية تبرر تصرفات غير قانونية لمقصد يرونه مطلوبا . وما الاعتقالات الاخيرة إلا خطوة لتثبيت الخوف في صدور كثير.
وإذا علمت أن هناك جهة معها القوة والبأس والقدرة على التخويف والتهديد فإن من سنة الله في هذا الكون أن ينافقها كثير من الخائفين على رزقهم وقوتهم وعيالهم ، فإذا انكسر حاجز الخوف رأيت حقيقة نسبة المؤيدين والمعارضين ، ألم تروا حزب حسني يدعي أن مؤيديه أكثر من 80% وكذلك بن علي والقذافي وقليل من الأصوات كانت تعارضهم ، فلما انكسر حاجز الخوف تدافعت الأصوات وعرفت الحقائق.
ما ذكرته عن حاجز الخوف ليس حصرا على مصر وتونس وليبيا . وحالة جهاز الأمن في الإمارات ليست كذلك استثناء منه . على مدى التاريخ كانت القلة القليلة هي التي تجابه الخوف وتقضي عليه .. فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله .. فهزم طالوت وجيشه القليل جيش جالوت ,... وثار في الثورة الفرنسية فقط 2% من الشعب ، وأحسن التقديرات في الثورة المصرية وصلت ل 20%، هذا لا يعني كما يتصور البعض أن البقية لا يؤيدون الثورة ولكن منعهم الخوف من دخول ضمارها. وكذلك الحال في الإمارات تصدرت قلة قليلة تنكر على جهاز الأمن انتهاكاته ، ومع ذلك فإن فئات واسعة من الشعب تعرف انتهاكات الأمن وتسكت مع الأسف, إن معركة القلة القليلة الأساسية ليست مع أجهزة القمع وإنما معركتها مع الخوف الذي صنعته تلك الاجهزة.
لنعود الآن للحملتين وقد ذكرت أن علي سالم استخدم التهديد بالوطنية كعامل مساعد في جلب أصواته بعدما ( أمر ) كما ذكرت خدمة إماراتي وافتخر بأن تنشأ الحملة ( ولا أدري ما موقعه ليأمر وهل أمر كذلك بالتصويت؟) .. فجمعت حملة علي سالم وتنظيم علي سالم 4000 صوت في حدود 24 ساعة كما قرأت .. إن المشاركة في حملة علي سالم أمر سهل على أي شخص يريد بذلك رفع رصيد وطنيته أمام جهاز الأمن والمطبلين ، أما المشاركة في حملة وقف انتهاكات حقوق الإنسان فعلى الذي يريد أن يشارك أن يقبل بجعل عرضه منتهكا من قبل جهاز الأمن وزبانيته في أقل الأحوال ، هذا إن لم يتطور الوضع ويصل إلى التهديد وصولا إلى منع العمل والترقية من خلال الموافقة الأمنية ومنع السفر وأخيرا الاعتقال ، فلنقارن بين الموقفين ، موقف المصوت في حملة علي سالم وموقف المصوت في حملة انتهاكات حقوق الإنسان . واحد يخرج ممدوحا مرضيا عنه من جهاز الأمن وآخر يتوقع التضييق من جهاز الأمن .. فهل يستوي التصوتين ؟ هذه قسمة ضيزى .. التصويت العادل هو بضمان الظروف المتساوية تماما لكلا الطرفين وحينها نستطيع فعلا أن نقول أن نتيجة التصويت عادلة .. هذا بإهمال أي عوامل أخرى مثل التصويت الوهمي.
كل ما ذكرته يبدوا في سياق تبرير هذا التفاوت في نسب التصويت .. ومع ذلك أكرر الخطأ الذي وقعت فيه خدمة إماراتي وافتخر ، وهو أن انتهاك الأمن لحقوق الإنسان ليس أمرا خاضعا للتصويت بل هو حقيقة ثابتة وإنما كان التصويت لعريضة تطالب بإيقاف انتهاك حقوق الإنسان وليس انتخابا للمجلس الوطني ليقابله تصويت آخر ، مقابلة التصويت بتصويت آخر كالذي قام به علي سالم يعني محاولة خندقة الناس في خندقين هما الوطنية واللاوطنية ويعني كذلك تكذيب وجود انتهاكات لحقوق الإنسان والتي لا تخفى على أحد .. أما لو افترضنا أن التصويت كان عبارة عن تصويت للمجلس الوطني فإن النتيجة كذلك يجب أن لا تسر تنظيم إماراتي وافتخر ورئيس التنظيم علي سالم.
الكتلة التصويتية في كلا الاستفتائين (على فرض أنها تصويت للمجلس الوطني ) تبلغ 4700 شخص .. على فرض أن المصوت على العريضة الأولى لم يصوت على العريضة الثاني وكذلك على فرض عدم تكرر الأصوات من ذات الشخص بهذه الحسبة نستطيع أن نقول أن حملة جمعية الإصلاح كما يحلوا لخدمة إماراتي وافتخر تسميتها حصدت 15% من الأصوات (حوالي سُبع المقاعد المنتخبة) (بعبارة أخرى 1 من كل سبع أشخاص مؤيد لجمعية الإصلاح) وهذه النسبة قد تعبر عن أغلبية في بعض الحالات البرلمانية (وإن كانت نادرة) ، مثلا الإخوان المسلمين وهم الأغلبية في مجلس الشعب الذي صدر قرار بحله لم يحصدوا سوى ما يقارب 40% من الاصوات ، بمعنى أن أحدا ولنفرض أنها خدمة مصري وافتخر تستطيع أن تضع صورة وتقول فيها : ( حملة أبناء مصر 60% ، حملة الإخوان المسلمين 40% ) (وهي نفس الطريقة التي يتعامل بها مرصد دعوة الإصلاح وكثير غيره مع أخبار مصر) هذه العبارة المضللة تقوم بقسم الجميع إلى شقين إما مؤيد أو معارض للإخوان في حين أن المؤيدين (أو المتقاربين ) أصناف مثل السلفيين ، الوسط .. إلخ والمعارضين أصناف : الناصريين ، الليبراليين .. إلخ
وكذلك عندنا في الإمارات ليس من المنطقي خندقة جميع الناس إلى خندقين ورأيين إما رأي جمعية الإصلاح أو رأي جهاز الأمن ، فالامر أوسع من ذلك بكثير .. هناك فئات مختلفة كثيرة ولو تقسمت الأصوات بينها لربما كانت نسبة ال 15 % تحوز على الأغلبية.
وعودا على بدء نذكر أن نسبة ال 15% تحققت في جو من الخوف والتخويف والتشكيك بالوطنية ، فإذا ضمن التصويت العادل تماما فكم سيحصد أبناء جميعة الإصلاح ومؤيديهم والمتعاطفين معهم؟ .. قد لا يبدوا منطقيا أن أبني استنتاجي على مجرد تصويت عابر ، وهذا صحيح .. إن استنتاجي هذا مبني على متابعة كثيفة للمجتمع بشكل مباشر أو من خلال تويتر ومن خلالها أستطيع القول أن الإصلاحيين قادرين في ظروف الانتخاب العادل على الحصول على ما لا يقل 20% وهي خمس مقاعد المنتخبة المجلس الوطني (4 مقاعد من أصل 20 ) .. وبيان ذلك أن المجتمع الإماراتي قليل الأفراد لا يتجاوزون المليون واعتقل منهم 50 شخصا لكل واحد منهم عائلة ممتدة قد تصل إلى 500 شخص ولهم أصدقاء وطلاب ومحبين ومتعاطفين ، لذا فهم في أسوء الأحوال يمتلكون مالا يقل عن خمسين ألف مؤيد وهو رقم قادر على تمكينهم من نسبة 10% من المقاعد المنتخبة في المجلس الوطني ..
بالرغم من أني لست عضوا في جمعية الإصلاح ولم يسبق لي انتماء لهم ولا أوافقهم في جميع أبجدياتهم ، إلا اني هذه المرة سأتكلم باسمهم وباسم كل إصلاحي مع أن في هذا تجاوزا وأقول : يا علي سالم لقد رضيت بنتيجة تصويتك – رغم أنه غير عادل - ، فليمكن إذا الإصلاحيون من 15% من مقاعد المجلس الوطني في تصويت حر عادل. فإن التصويت في المجالس البرلمانية لا يعني إقصاء الأقل أصواتا كما تحاول أن تفعل الآن ولكن يعني أن تعطي كلا نصيبه.
إماراتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق